الجمعة، 23 مايو 2008

الحرية أبعادها وحدودها نيافة الأنبا موسى

أولاً : ما هو المقصود بالحرية :

يختلف مفهوم الحرية مع التطور السياسى والاقتصادى العالمى ، وظهور الهيئات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة من أجل حق تقرير المصير ، والتخلص من الاستعمار ، والحريات الشخصية فى مواجهة السلطة ، وحرية التعبير . ولكن حين وجهنا السؤال للشباب ركزت الإجابات على الحريات الشخصية ، خاصة فى مواجهة سلطة الوالدين .

ويمكن ملاحظة الارتباط الوثيق بين الحرية وتحمل المسئولية فمنذ الطفولية يتحول الإنسان تدريجياً إلى الاعتماد على النفس ، يتناول طعامه بنفسه ، ويرتدى ملابسه ، ويختار أصدقاءه ، وينظم لعبه ثم مكتبة ، ويستذكر دروسه دون إشراف الوالدين ... ويتضح هنا تراجع سلطة الوالدين تدريجياً ، مع تزايد تحمل المسئولية الشخصية .

وهذا ما يؤكده "سارتر" فهو يؤكد الرابطة بين الحرية والمسئولية، فكل قرار أنت حر فيه تكون مسئولاً عن النتائج المترتبة عليه . وذلك على كل المستويات : من مسئولية الطالب عن نجاحه أو فشله الدراسى، إلى مسئولية الطبيب عن الدواء الذى وصفه لمريض، إلى مسئولية الكاتب عن ما عرضه فى الجريدة ، مسئولية السائق عن حادثة سيارة .. إلى مسئولية رئيس الدولة عما يتخذه من قرارات تدخل فى نطاق سلطته وتؤثر على المجتمع .

ثانياً : الحرية وحقوق الآخرين :

"بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس: كل من لا يفعل البر فليس من الله ، وكذا من لا يحب أخاه" (1يو10:3)

إن أهم حدود الحرية هى حرية واحترام حقوق الإنسان الآخر ، فمثلاً استخدام الراديو بحيث لا يزعج صوته الجار ، وعلى ألا يعطل آخر يريد أن يستذكر. وكذلك التليفزيون والتليفون. بل أنه فى بعض المناطق أصبح هناك عقوبات على استخدام "كلكس" السيارة .. كذلك تم منع التدخين فى أماكن كثيرة ، لأنه يضر بالآخرين ، وما يتم مراجعته حالياً حول إلقاء نفايات فى نهر النيل .

ثالثاً: الحرية واحترام القانون :

هناك قوانين متعلقة بمواعيد العمل ، اختصاصات كل موظف ، والزى المدرسى أو للمضيفات أو للممرضين والأطباء ، واحترام إشارات المرور ، واحترام التعليمات فى الانتخابات ، والتعامل مع الرؤساء ، والهيئات ، والشركات ، والبنوك .. هناك قوانين تنظم الحريات والتعامل ، وذلك في كل مناحى الحياة .

رابعاً: الحرية واحترام التقاليد :

فكل مجتمع له تقاليده وعاداته ، والخروج عنها يجعل الإنسان مرفوضاً أو موضع سخرية، مثل نوعية الملابس فتختلف ملابس الهنود عن اليابانيين عن الأوروبيين . كذلك يختلف أسلوب التحية والسلام ، وموقف المرأة فى المجتمعات المختلفة ، وحتى ما يقدم على المائدة ، فحرية كل فرد عند إشباع احتياجاته هى داخل الهامش الذى يسمح به المجتمع وتقاليده ...

خامساً: الحرية فى مواجهة الإنسان نفسه :

حتى فى مواجهة الإنسان لنفسه هناك حدود للحرية ، ولا يحق له أن يدمر ذاته أو يقتلها ، وإذا ضبط يسعى لذلك تقيد يديه أو يوضع فى مصحة نفسية .. حماية المجتمع ، وأمام الله أيضاً ... قاتل نفسه قاتل فالذى ينتحر تجاوز أبعاد الحرية التى أعطيت له فلقد أعطى حق رعايته نفسه وليس قتلها ...

سادساً الحرية ومسئولية الإنسان عن شخصيته :

إن حرية الإنسان لا تعنى خروج الجسد أو العاطفة عن المبادئ التى يتمسك بها ، أو المعتقدات والاقتناعات العقلية .فالتدخين مثلاً أو تعاطى المخدرات لا يعنى أن الإنسان حر، بل يعنى أنه غير قادر على قيادة حياته وتحديد مساره . هو استبعاد للعادات السيئة وليس تحرراً . والتخلص منها هو التحرر من عبوديتها . الإدمان عبودية وليس حرية . وحتى عدم قدرة الإنسان على ضبط شهواته ، وأهوائه ، ونزعاته وحدة انفعالاته هو نوع من الخضوع لها ، وهو أسوأ من الخنوع لسلطات خارجية . "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو 8: ) وكل تحرر يتطلب قوة مقاومة وجهاد من اجل الانتصار ، وهو ضمن خطوات بناء الشخصية القوية .

سابعاً: الحرية والانقياد للشلة :

عجيب أمر الفتى الذى يرفض تماماً الخضوع لأى أوامر أو نواهى من سلطة عليا ، حرصاً على كرامته وحريته ، ثم ينقاد إلى شلة تتحكم فيه دون مناقشة ، أو حتى مراجعة لقراراتها ، وأثر ذلك على مستقبله وحياته وكيانه ، ومادام احتمال الانسياق للشلة قائماً ، يجب التدقيق أصلاً فى اختيار الأصدقاء ، إذ يقول المثل الإنجليزى "الصديق مثل رقعة الثوب يجب أن يكون من نفس النسيج" . أنت حر حين تختار الصديق . ولكن بعد ذلك لا تضمن التأثير إذا أسأت الاختيار .

ثامناً: الحرية والقسمة والنصيب :

هناك جوانب من الحياة لسنا أحراراً فى اختيارها مثل الأسرة ، المدينة أو القرية ، الوطن ، الجنس ، اللون وغيرها من الصفات الوراثية . ولكن حرية ومسئولية استغلالها مكفولة في حدود معينة وكثير منا يلقى مسئولية فشله على الله أو على قسمته ونصيبه ، أما النجاح فينسبه لنفسه ...

نسمع ذلك عند ظهور نتائج الامتحانات ، أو فشل الزيجات ، كل إنسان فى حدود ظروفه وقدراته يختار طريقه ، ويشكل حياته ، وعليه أن يتكيف مع ما لا يمكن تغييره ، يقبله كواقع ويتفاعل معه ، يعدل ويصلح ما يمكن إصلاحه .

تاسعاً: الحرية فى علاقتنا بالله :

لقد خلق الله آدم وحواء أحراراً ، وأكلوا من الشجرة على عكس الأمر الإلهى ، ولكن تم حسابهم ، فهم وكل بنى آدم مسئولون أمام الله . إن الإنسان مدعو لأن يكون أبناً لله ، والأنبياء والرسل عبر العصور يبلغونهم الدعوة للأحضان البوية ، لكن الاستجابة مسئولية شخصية . الابن الضال هو الذى قرر أن يترك بيت أبيه ، وهو الذى اتخذ قرار العودة . إن الحياة مع الله لا تلغى حريتنا ، بل تضيف إليها إذ أن الروح يعطينا قوة النصرة على إغراءات العالم ، وضغوط الجسد ، إثارات الآخرين ، عدو الخير ...

إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يو 36:8) .
وتعرفون الحق ، والحق يحرركم" (يو 32:8) .

إنما دعيتم إلى الحرية أيها الأخوة ، لا تصمدوا الحرية فرصة الجسد" (غل 13:5) .

فاثبتوا في الحرية التى حررنا بها المسيح" (غل 1:5) .

عاشراً : الحرية الحقيقية :

هى حرية الروح ، وإمكانية النصرة ، فالحرية هى القدرة على الاختيار ، والقدرة على الانتصار .. وهذا ممكن بالمسيح الذى يسكب فينا روحه القدوس ونعمة الإلهية فتكون أقوياء أمام إغراءات الشر ، ومنتصرين بقوة عمله فينا ، وبأمانة جهادنا معه ... والإنسان المؤمن يضع لنفسه ضوابط هامة مثل :

1- روح الله الساكن فينا .
2- الكتاب المقدس الذى ينير طريقنا .
3- الضمير .. الذى يتحدث داخلنا .
4- الأب الروحى .. الذى يقود حياتنا بنعمة الله .

هناك تعليق واحد:

masry يقول...

لا يوجد تعليق ولكن
ارى مدى حب الشباب لنيافة الانبا موسى
لذلك اريد ان اكتب اليه ما يجول فى خاطرى من تأملات وهى
انشاء اجيال مختلفه نهائيا عن اجيالنا وهذه الاجيال ايضا وذلك بتنبيه كل الكهنه فى عظاتهم الى دور الام فى تربية اطفالها واهم شىء هو كالانى
كل ام بعد تعميد طفلها ان تهتم به كما تهتم وتغذيه لكى ينمو جسديا ايضا
لابد من تغذيته روحيا وذلك اثناء رضاعته فى كل وجبه ان تسمعه ترانيم تسابيح صلاه كلام جميل حتى ينموا روحيا كما ينمو جسديا وذلك حتى ينمو وتتسلمه مدارس الاحد
فوائد هذا كالاتى
اولا نتأكد بان هذا الطفل مليان من الروح القدس وليس بروح الشيطان وذلك لو غذيناه الشجار والشتاءم فكل هذا ينمى فيه عمل الشر والخطيه
ثانيا الام من كثر ة الصلاه والترانيم لطفلها هى ايضا تنمو فيها الروح القدس ولا توجد بينها وبين زوجها مشاكل
ثالثا نضمن ان فى اجيال مليان بالروح القدس وهى التى ستتولى توجيههم وهم شباب وتبعدهم عن عمل الخطيه
رابعا تطمن الام ان ابنها لا ينحدر للادمان ولا رفاق السؤ
خامسا سنجد اجيال تسمع الوعظات والصلاه باهتمام عكس الان لانه كل هذا يشبع الروح القدس التى نمت وكبرت فى داخلهم
وحاجات كثير ستتغير باذن يسوع المسيح
وشكرا
انسان اتولد من جديد بعد سن الستين
منصور